«الغورية»... قماش الفقير والبيه
يُعد سوق الغورية واحدًا من أقدم وأشهر أسواق القاهرة، حيث يرجع تاريخه إلى العصور المملوكية، وتحديدًا في عهد السلطان قنصوة الغوري (1501–1516م)، الذي أنشأ عدة معالم عمرانية وأسواق في القاهرة، وكان سوق الغورية في بدايته مخصصًا لتجارة أفخر أنواع الأقمشة المستوردة والمحلية، مما جعله الوجهة الأولى للتجار والمتسوقين في عالم الأقمشة.
وسُمّيت المنطقة الواقعة في حي الجمالية باسم "الغورية" نسبةً إلى المدرسة الغورية التي أنشأها السلطان الغوري عام 1503م، وكانت في ذلك الوقت مركزًا للعلم والثقافة.
ويتميز سوق الغورية بطرازه المعماري الفريد، حيث تتجلى فيه القباب المزخرفة، والمداخل المقوسة، والنقوش الإسلامية التي تزين أزقته الضيقة. وقد تطور السوق مع مرور الزمن، فأصبح لا يقتصر على بيع الأقمشة فقط، بل يضم اليوم حارات للملابس الجاهزة، وبعض التحف والهدايا التذكارية التي تجذب السياح من جميع أنحاء العالم. ورغم هذا التنوع، لا تزال الأقمشة هي العلامة الأبرز للسوق، حيث يقصده المصريون من مختلف المحافظات لشراء مستلزمات تجهيز العرائس، وتلبية الاحتياجات الشخصية من الأقمشة للملابس والمفارش وغيرها.
ويظل سوق الغورية وجهة لا غنى عنها لكل من يبحث عن الأصالة والتراث في قلب القاهرة. سواء كنت تزوره للتسوق أو كنت من عشاق العمارة الإسلامية، فإن زيارة سوق الغورية ستظل تجربة لا تُنسى، تأخذك في رحلة ممتدة من الماضي إلى الحاضر، عبر إحدى بوابات العصر الإسلامي في العاصمة.